2025
2025-11-05
لفت اتحاد نقابات العمال "طاولة العمل" (Labor Desk)، الذي تأسس في أذربيجان عام ٢٠٢٢، انتباه السلطات الأذربيجانية. يدعم الاتحاد العمال من خلال احتجاجاتهم ويقدم لهم المساعدة القانونية.
في أبريل ٢٠٢٥، أصدر "طاولة العمل" نداء تضامن دوليًا، مطالبًا السلطات الأذربيجانية بالإفراج عن عدد من المعتقلين لأسباب سياسية، وتحديدًا رئيس الاتحاد، أفيادين محمدوف، وأعضاءه أيهان إسرافيلوف، وإلفين مصطفييف، ومحيادين أوروكوف. وذكرت المنظمة أن النظام الاستبدادي الأذربيجاني يقمع المنظمات العمالية من خلال الاعتقالات، مستهدفًا أولئك الذين يعارضون استغلال العمال وتنظيمهم الذاتي.
منذ أغسطس ٢٠٢٣، وبعد أن أعرب الاتحاد عن دعمه لعمال التوصيل وسائقي التاكسي الأذربيجانيين الذين احتجوا على التغييرات التشريعية التي تفاقم ظروف عملهم، تعرض رئيسه وأعضائه للاعتقال بشكل متكرر بتهم ملفقة تتعلق بتعاطي المخدرات والشغب. ووفقًا لمؤيديهم، كان أحد أهداف السلطات من إدخال هذه التغييرات، إلغاء ترخيص شركة التوصيل "Wolt" بذرائع واهية، بهدف إنشاء شركة خاضعة لسيطرة الدولة وضمان دخولها إلى السوق.
الاحتجاجات في أذربيجان نادرة. نُظمت آخر مظاهرة حاشدة في يناير/كانون الثاني ٢٠١٩ في ملعب ميهسول، مطالبةً بالإفراج عن السجناء السياسيين. منذ الحرب ضد آرتساخ، قلّما تُنظّم الحركات السياسية في البلاد، بينما تُثار قضايا اجتماعية أو بيئية من حين لآخر، ولكن سرعان ما تُكتم أو تُقمع بالاعتقالات والترهيب.
ليس وضع من يناضلون من أجل حقوق العمال في أذربيجان أفضل من وضع السجناء السياسيين. فالناشطون المناهضون لاستغلال العمال لا يحصلون على دعم من النقابات العمالية القائمة، لأنها تابعة لنظام علييف. وتحافظ هذه النقابات، وخاصةً منظمتها الجامعة، اتحاد نقابات عمال أذربيجان (AHIK)، على علاقات وثيقة مع الحكومة، مشيدةً "بالمستوى الرفيع" لحماية حقوق العمال في أذربيجان، ومُصدرة بيانات معادية للأرمن عبر قنواتها الخاصة.
منذ عام ١٩٩٣، مع بداية حكم هيدر علييف، خدم هذا الاتحاد النقابي المصالح السياسية والاقتصادية للسلطات. واستمر في العمل على نفس النهج في السنوات اللاحقة. وليس من قبيل المصادفة أن "AHIK" هو من رشح إلهام علييف في الانتخابات الرئاسية لأعوام ٢٠٠٨ و٢٠١٣ و٢٠١٨، بدلاً من حزب "يني أذربيجان". كان الهدف هو تقديم علييف كمرشح للطبقة العاملة. ومع ذلك، فإن ترشيح حزبه له في الانتخابات اللاحقة يشير إلى أن "علييف لم يعد بحاجة إلى العمال". منحت السلطات الأذربيجانية "AHIK" صلاحيات واسعة لاستخدام موقعها الاحتكاري لتوحيد جميع النقابات العمالية والسيطرة على النقابات المنشأة حديثًا، مع اعتبار هذه الإجراءات ضرورية "لحماية حقوق العمال".
في عام ٢٠٢٣، أُغلقت صفحة "İşçinin Səsi" (صوت العامل) على فيسبوك، والتي كانت تنشر بيانات عن وفيات أماكن العمل. قبل إغلاقها، أجرى ممثلو المبادرة مقابلات، مشيرين إلى أن رئيس النقابة العمالية في أذربيجان إما أن يكون صاحب العمل مباشرةً أو شخصًا موثوقًا به. ووفقًا لأعضاء "صوت العامل"، فإن النقابات العمالية في البلاد رمزية في الغالب، ولا تقدم الكثير لحماية حقوق العمال، بل تمثل أداةً بيد السلطات للسيطرة على الطبقة العاملة.
وفقًا لأعضاء منظمة "صوت العامل"، لا يذكروا الموظفون بوجود النقابات العمالية إلا عند خصم ٢% من رواتبهم. وقد أثار موظفون في قطاعات مختلفة، بمن فيهم المعلمون، نفس المشكلة. فقد عُرف أن المعلمين يدفعون رسومًا للنقابات العمالية منذ سنوات، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على قسائم إجازات أو زيارات للمنتجعات الصحية. وأعرب المعلمون عن استيائهم من منظمة "AHIK"، مؤكدين أن المنظمة لا ترد على مكالماتهم الهاتفية أو طلباتهم عبر الإنترنت، وأنه لا توجد أي مساءلة بشأن استخدام الأموال المجمعة. يُذكر أيضًا أنه على الرغم من أن عضوية النقابة طوعية قانونيًا، إلا أنها إلزامية عمليًا، حيث تخصم من رواتب المعلمين لصالح النقابة دون موافقتهم.
أكد ممثلو منظمة "صوت العامل" أن الخدمة العسكرية في أذربيجان من أكثر القطاعات فسادًا، وأن القوات المسلحة، بصفتها جهة توظيف رئيسية، تنتهك أيضًا حقوق الجنود. على سبيل المثال، لوحظ أن من يُرسلون للخدمة في المناطق الحدودية مع أرمينيا عادةً ما يكونون من أفقر شرائح السكان، الذين لا يستطيعون دفع الرشاوى. كما تم التأكيد على أنه خلال حرب عام ٢٠٢٠ ضد أرتساخ، كانت غالبية المجندين شباب من الطبقة العاملة والفلاحية.
رغم أن السلطات الأذربيجانية تحافظ على المظهر الرسمي للنقابات العمالية من خلال عقد ندوات ومؤتمرات دولية منتظمة حول عملها، إلا أن هذه الفعاليات غالبًا ما تكون سطحية، وتُستخدم في الغالب كمنصات لخطابات معادية للأرمن ونقاشات حول آرتساخ. ويستخدم المسؤولون الأذربيجانيون هذه المنابر الخالية من المضمون لعرض قضية "لاجئين" التسعينيات ومسار الصراع كمبررات لإخفاقاتهم في العمل.
علاوة على ذلك، غالبًا ما تُنظم فعاليات رئيسية تُعنى بحقوق العمال وقضايا النقابات العمالية بموجب مراسيم رئاسية. ويستغل إلهام علييف هذه المناسبات عادةً لتوجيه تعليمات إلى مجلس إدارة "AHIK" وغيره من الهيئات، ولإصدار تصريحات رسمية سطحية حول الحاجة المزعومة لتحسين حقوق العمال من خلال تعديلات تشريعية.
رغم هذه الجهود، تواجه أذربيجان انتقادات متكررة. ففي أحدث تقرير عن أذربيجان، أكدت اللجنة الأوروبية للحقوق الاجتماعية أن سلوك البلاد لا يتوافق مع التزاماتها وأحكام المواثيق الدولية التي صادقت عليها أذربيجان. وأشارت اللجنة، على وجه الخصوص، إلى أن الحد الأدنى للأجور في أذربيجان لا يضمن مستوى معيشة لائقًا، وأن التمييز بين الجنسين قائم في عملية الدفع، وأنه لا توجد ضمانات تشريعية واضحة تضمن المساواة في الأجر عن العمل المتساوي بين الرجل والمرأة.
كما حددت المنظمة الدولية العديد من المشاكل الأخرى، مثل انتهاك فترات الإخطار المعقولة قبل إنهاء الخدمة، والخصومات غير المبررة من الرواتب، والقيود المفروضة على الحق في تشكيل النقابات العمالية، والإضراب، والمشاركة في القرارات المتعلقة بظروف العمل.
حتى عندما تعترف السلطات الأذربيجانية بأخطائها، فمن الواضح أنها تُقدم على ذلك زورًا، كما في حالة أيهان إسرافيلوف، الذي سُجن لدفاعه عن حقوق عمال التوصيل. ورغم إقرار باكو بخطأ في الإجراءات القانونية المتخذة ضده، فإن عائلة إسرافيلوف لا تأمل في تبرئة ساحته، بل في العفو عنه فحسب.
في الواقع، منذ تسعينيات القرن الماضي، استخدم نظام علييف النقابات العمالية كأدوات للسيطرة على الطبقة العاملة وحل القضايا السياسية والدعائية. وقد أجبرت السلطات الأذربيجانية جميع النقابات العمالية على الانضمام إلى اتحاد نقابات أذربيجان (AHIK)، بينما قمعت بكل الوسائل الممكنة كل من يتبنى آراءً مختلفة بشأن حقوق العمال، أو ينظم المعارضات، أو يتحدث علنًا عن المشاكل القائمة.