2025

'إحياء' أم إعادة تشكيل: قناع السياسة الثقافية لأذربيجان

2025-09-25

صورة من تصوير نرسيس ماتينيان 

تتحدث باكو مجدداً عن التعددية الثقافية والتسامح في أذربيجان، وتتحدث عن "ترميم" الكنيسة الأرمنية في شوشي. ويمكننا اعتبار هذا "تقدماً" كبيراً، إذ تعترف السلطات الأذربيجانية بوجود مبان أرمنية "متأثرة بالثقافة الألبانية" في آرتساخ.

في ۲٤ سبتمبر، عقد في باكو اجتماع دوري بمناسبة الذكرى الخامسة ليوم إحياء ذكرى الطوائف الدينية في أذربيجان، حضره أيضاً رئيس دائرة مسلمي القوقاز، الله شكر باشازاده. وقد اشتهر باشازاده مراراً بتصريحاته المعادية للأرمن، رافضاً التراث الديني والثقافي الأرمني.

"إن الدولة، التي تحافظ على الكنيسة الأرمنية في وسط باكو، تعمل على ترميم الكنائس الأرثوذكسية والأرمنية في شوشي، إلى جانب المساجد. هذه هي السياسة التعددية الثقافية للشعب والدولة الأذربيجانية، فضلاً عن كونها تفوقاً أخلاقياً"، صرح باشازاده في المؤتمر.

ينبغي تذكير باشازاده، رئيس مجلس مسلمي القوقاز، بالكنائس الأرمنية والمباني العامة والمعابد والآثار، فضلاً عن المقابر التي بنيت في التسعينيات أو ما بعدها، والتي دمرتها أذربيجان بشكل منهجي منذ حرب ۲۰۲۰. وبذلك، تحاول محو الأثر الأرمني الذي يعود لقرون في أرتساخ، وتحت اسم "ألبان قوقازي" تستولي على المباني التي تعود للعصور الوسطى.

لكن دعونا ننتقل إلى "الكنائس الأرثوذكسية و الأرمنية" في شوشي، والتي يزعم أن أذربيجان تعمل على ترميمها. وهنا يبرز السؤال: من الذي دمّر أو ألحق الضرر بالكنائس "الأرثوذكسية" والأرمنية، مما استدعى ترميمها؟

الكنيسة التي أعلنت "أرثوذكسية" هي كنيسة القديس يوحنا المعمدان الأرمنية، والمعروفة باسم "الساعة الخضراء"، والتي لم تتضرر على الإطلاق أثناء احتلال شوشي، و دمرتها أذربيجان بالكامل بعد ذلك بوقت قصير. الكنيسة التي أعلنتها أرمينيا هي كنيسة المخلص المقدس غازانتشيتسوتس، والتي استهدفت مرتين بصواريخ في أكتوبر ۲۰۲۰. وقد غطيت الكنيسة المتضررة بشبكة بناء لفترة طويلة، ولا يعرف حجم الأضرار التي لحقت بها.

إن حقيقة استمرار أذربيجان في تدمير التراث الثقافي الأرمني بشكل منهجي موثقة من خلال صور الأقمار الصناعية وتقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية. في ۲۹ أغسطس ۲۰۲٥، نشرت اللجنة الأمريكية المعنية بالحرية الدينية الدولية تقريراً جديداً، ذكرت فيه مرة أخرى أن التراث الأرمني معرض لخطر التدمير، وأوصت للحكومة الأمريكية دعم  زيارة مراقبين دوليين مستقلين إلى ناغورنو كاراباخ والمناطق المحيطة بها لتفقد وتوثيق التراث الديني والثقافي.

إن السياسة التي تتبعها أذربيجان تشبه سياسة السلطات التركية: فقد قامت الأخيرة "بتجديد" الصليب المقدس في أختامار عندما تم هدم مئات الكنائس أو تحويلها إلى مساجد.

تتميز العمارة الأرمنية بأصالتها وجذورها التاريخية وقيمها الفنية. وحتى لو أعلنت أذربيجان، تحت ستار "الترميم"، أنها ترمم الكنائس الأرمنية، فإن ذلك لن يكون إلا "لإثارة الجدل أمام العالم".

هل هذا هو "التميز الأخلاقي" الذي ذكره باشازاده؟

إشترك في قناتنا على